الجمعة، 12 فبراير 2010

التدين

عالج علماء النفس التدين تحت مسميات متنوعة منها؛ الشعور الديني، والالتزام الديني، والسلوك الديني، والروحانية، والاعتقاد، والخبرة الدينية.(عودة ومرسي، 1986.ص ) واختلفت تعاريفهم للتدين بين التركيز على بعد واحد مثل البعد السلوكي الظاهر اوالاعتقاد الباطن اوالاتجاهات، اوأبعاد متعددة. وهوما تعكسه عملية قياس واجرءة التدين بـ” الانتماء إلى طائفة دينية” او” درجة الاشتراك في النشاطات الدينية “أو”الحضور والتردد على دور العبادة” أو” الاتجاه نحوالدين ” او” الإيمان بالرموز الدينية ” او” المعرفة الدينية”.

وفي هذا المجال يطرح لارسون وأولسون تساؤلا، مشروعا، هو:” هل الباحثون يقيسون ويدرسون شيء واحدا، أم وعاء فضفاضا يحوي أنماطا مختلفة ومتباينة من السلوك”(Larson & Olson, 2004: 4).وهذا الاختلاف والتنوع في مفهوم التدين لدى الباحثين ينقص دون شك من درجة وضوح الدراسات في هذا المجال، ويصعب مهمة الباحث خاصة إذا أضيف إليه غياب التنظير الكافي(عيسوي، 1992: 139.وMaltbay et al, 1999: 364).

وخلاصة التعاريف في التراث العلمي النفسي تركز على ثلاثة ابعاد:

بعد معرفي يتمثل في الالتزام القيمي والعقائدي،

وبعد وجداني يتمثل في المشاعر الدينية والتقوى،

وبعد سلوكي يتضمن أداء وممارسة الوظائف والأنشطة الدينية،

وانعكاس اثر الأبعاد تلك وظهوره على سلوك الفرد في حياته اليومية، في نظرته للحياة وتفاعله مع الناس.

فكيركباتريك(1999) Kirkpatrick يرى ان التدين يتكون من معتقدات وخبرات وتصرفات، وان له دورا مهما في زيادة التوافق لدى الفرد، وزيادة قدرته على حل المشكلات. ( محمود، 2004: 575). ويعرف روريف وجيسر(1976) في ( الصنيع، 1998.ص 140) التدين بأنه: ”صفة للشخصية تعود إلى توجهات عقلية معرفية عن الحقيقة الواقعة وراء نطاق الخبرة والمعرفة، وعن علاقة الفرد بهذه الحقيقة، والتوجهات الموجهة ضمنا لكي تؤثر على الحياة الدنيوية للفرد. وذلك بمشاركته في تطبيق الشعائر الدينية”

ويعرفه وارثنتون وآخرون (Worthington et al, 2003:85) بأنه” درجة تمسك الفرد بالقيم والمعتقدات والممارسات الدينية ومدى استخدامه لها في حياته اليومية”.ويقترح الصنيع ( 1998.ص 149) ان يعرف التدين، في الإسلام، بـ” التزام المسلم بعقيدة الإيمان الصحيح وظهور ذلك على سلوكه بممارسة ما أمره الله به والانتهاء عن إتيان ما نهى الله عنه”.ويضيف انه لابد في الإسلام من الجمع بين الاعتقاد والقول والعمل في تحديد التدين. ويؤكد عيسوى (د ت، ص 40) ان الجانب الإعتقادي من التدين لابد ان يكون متأصلا في حس الفرد وشعوره ووجدانه، إضافة إلى ضرورة ترجمة الإيمان والاعتقاد إلى فعل وسلوك وواقع محسوس في حياة الفرد الخاصة وفي علاقته بربه وأسرته ومجتمعه. ويحدد مكركب (مكركب، د ت: 17) الالتزام بالدين لدى المسلم بالإخلاص في العقيدة والشريعة والقيم وظهور ذلك في المعاملة مع الناس بأداء الواجب وترك الحرام.

نخلص مما سبق بان التدين مكون يتضمن عددا من الأنساق؛ نسق معرفي يحتوي على المعتقدات والمعارف والمعلومات، ذات العلاقة بالفرد والحياة والكون من حوله، ونسق وجداني يحتوي على المشاعر والتقوى، ونسق سلوكي يحتوى على التصرفات والأنشطة الدينية التي يقوم بها الفرد وتعكس مدى التزامه بتعاليم دينه، وانعكاس اثر الأنساق تلك في السلوك الحياتي للفرد، وبين الأنساق المختلفة تفاعل متبادل، فزيادة الايمان أي التصديق بتعاليم الدين يزيد التزام الفرد الوجداني والسلوكي، (انظر محمود، 2004: 581).

كلما ارتفعت درجة تدين الفرد كلما كان أكثر تأثيرا على حكمه وتقييمه للعالم من حوله، ومحددة لكيفية تعامله مع نفسه والناس وفقا لمنظومة القيم والمعتقدات الدينية.
جميع الحقوق محفوظة © 2015 جدّد حياتك
برمجة : يعقوب رضا