السبت، 19 ديسمبر 2009

الغش في الوسط المدرسي الثانوي : دراسة ميدانية


هذه دراسة ميدانية تناولت الغش في الوسط المدرسي الثانوي، تم انجازها وعرض نتائجها ومناقشتها بمركز التوجيه المدرسي و المهني بسيدي بلعباس في شهر ماي من سنة 2002.


مقدمة

حدد بعض علماء التربية للتقويم التربوي عددا من الأهداف هي :
* اطلاع التلاميذ على مدى تحصيلهم .
* تشخيص نقاط القوة و الضعف عندهم.
* الافادة منها في تحديد مستقبل التلميذ.
* اخبار الاولياء و الادارة عن اداء التلميذ.
* الحصول على التغذية الراجعة لتطوير التعليم .
* تحديد اهداف اجرائية للتلميذ .
* ترخيص التلميذ للتقدم لمهنة او عمل ما .
* تنمية الحد الادنى من المساواة التربوية .
هذه الاهداف التي تشمل الجانب التربوي و الاجتماعي لعملية التقويم تبرز الأهمية الكبيرة التي يلعبها في حياة المدرسية .
و تبقى الاختبارات أهم أداة لعملية التقويم في وسطنا التربوي بل هي المعيار الوحيد الذي يغطي الجوانب السابقة .
لأهمية هذه العملية التقويمية ودورها المصيري تعمد كل الفرق الإدارية والتربوية على مختلف المستويات إلى وضع الضوابط النظامية و الإجراءات الضرورية ( تشديد الحراسة ، سرية الأسئلة ..) حتى تكفل صحة هذه الاختبارات وصدق نتائجها .
المشكل
تبرز عمليات الغش في الاختبار كأداة إخلال بالمعايير و الضوابط التي سعى إلى تحقيقها التقويم التربوي، فهي على راس المشوشات التي تعرقل العملية التربوية ،
و المربي رغم قيامه بعملية التقويم ، ومهما كانت وسيلة القياس التي يعتمدها لا يستطيع ان يضمن تحقيق الاهداف السابقة إذا كانت نسبة كبيرة من التلاميذ تعتمد الغش وسيلة للاستجابة للاختبارات و الأسئلة التي تطرحها .
* فلماذا يعمد التلميذ إلى الغش ؟
* و ما هو موقفه منه ؟
* و ما مدى انتشار هذه الظاهرة بين التلاميذ ؟
* و ما هي المادة الاكثر تعرضا للغش ؟
هذه الأسئلة التي تفرض نفسها على كل المتعاملين التربويين المهتمين بالتقويم التربوي . دفعت مركز التوجيه للتفكير في تقديم بعض الإجابات الميدانية ، التي من شأنها أن تساعد المشرفين على العملية التعليمية من استكشاف الظاهرة وتحديد أبعادها.

أهداف الدراسة

تهدف الدراسة إلى إلقاء الضوء على ظاهرة الغش في الامتحانات من خلال تحليل الجوانب التالية:
- مدى انتشار الغش في الوسط المدرسي.
- مستويات الغش .
- موقف التلميذ من الغش في الامتحانات .
- الأسباب التي تدفع إلى اعتماد الغش كوسيلة لاجتياز الامتحانات .
* - المادة الأكثر تعرضا للغش .

شكر وتقدير

تبرز هذه الدراسة بفضل جهود مستشاري التوجيه المدرسي والمهني بمركز سيدي بلعباس الذين ساهموا بشرح الاستمارة وتمر يرها على التلاميذ من جهة .ومن جهة ثانية فإن الدراسة إنما تستمد صدقها من العلاقة المتينة والثقة التي يحملها التلميذ للمستشار و التي كانت وراء الاجابات العفوية و الصريحة للتلاميذ . فللفريق التقني بمركز سيدي بلعباس مني جزيل الشكر والتقدير . كما أتقدم بالشكر إلى السيدة زعزوع زهرة أمينة المركز التي كانت حريصة على هذه الدراسة وتتابع تطورها.

الدراسات السابقة

من الجهود التي تناولت موضوع الغش في الاختبارات بالدراسة و التحليل الكتابين التاليين:
* الكتاب الأول عنوانه :الغش في الاختبار خيانة وانتحار، للأستاذ احمد حسن كرزون ، والمؤلف قد اشتغل بقسم التوجيه في جامعة أم القرى بمكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية خلال فترة طويلة . ،،نشر الكتاب دار ابن حزم، بيروت ، سنة 1994.في 71 صفحة من الحجم المتوسط . يتناول الكتاب بشكل موجز المواضيع التالية : فضل طلب العلم و متطلبات تحصيله و عمليات الاختبار كمقاييس تعليمية هامة واثر الغش في تعطيلها ثم أخطار الغش في الاختبارات وفي إعداد الرسائل الجامعية ، ويقدم في الأخير مجموعة من الضوابط و التوجيهات للحد من ظاهرة الغش.
* الكتاب الثاني " الغش المدرسي : أسبابه و نتائجه" ، للأستاذ عمر الشطي ، طبع الكتاب بدار نزهة الألباب ، غرداية الجزائر،سنة 1998.في 80 صفحة من الحجم المتوسط . يتناول الكتاب مفهوم الغش لغة وشرعا ، ثم دور كل من الأسرة و الفريق الإداري و التربوي في انتشار هذه الظاهرة وفي الأخير يقدم نصائح للتلميذ ليتخلص من الغش .وقد زود الكتاب بمجموعة من البيانات يقول المؤلف انه " سبر فيها أراء التلاميذ و موقفهم من المتسبب في الغش".


منهجية الدراسة

الطريقة المنهجية :
طبيعة البحث تطلبت من المستشار إتباع خطوتين منهجيتين .
* الخطوة الاولى : ملاحظة مشاركة حيث قام المستشار بمناقشات أولية مع بعض التلاميذ والأساتذة و الأولياء والمستشارين في الوسط القريب لتحديد جوانب البحث، وإعداد استمارة البحث .
* الخطوة الثانية : تمرير استمارة البحث وتفريغها ، واستغلال معطياتها .
التقنيات المنهجية :
* الاستمارة : اعتمدت الدراسة على استغلال إجابات التلاميذ على استمارة بحث من إعداد مستشار التوجيه تم بناؤها بعد مناقشات أولية مع بعض المتعاملين في القطاع التربوي ( تلاميذ ، أساتذة ، أولياء ، مستشارين ).
* وسائل التحليل : تم رصد المعطيات على جداول برنامج مايكروسوفت أكسل (Microsoft Excel ) مما مكن من إجراء تحليلات متنوعة ومختلفة باعتماد مؤشرات إحصائية أهمها:
* النسب المؤوية
* النسبة الحرجة :لدراسة الفرق بين نسبتين مختلفتين ،
* كا مربع (²c):لدراسة مدى تطابق التوزيعات المختلفة،
* معامل الارتباط لبيرسون .
اطار الدارسة :
* العينة: شملت الدراسة عينة من تلاميذ التعليم الثانوي العام والتقني بمقاطعة مركز التوجيه المدرسي والمهني سيدي بلعباس يقدر عددهم ب536 تلميذا .يمكن توزيعهم في الجدول التالي.

جدول رقم: 01 توزيع عينة الدراسة
المستوى الشعب
آداب علوم تكنولوجيا مجموع %
الأولى ثانوي 79 117 32 228 42.54
الثانية ثانوي 40 62 19 212 22.57
الثالثة ثانوي 65 95 27 187 34.89
المجموع 184 274 78 536
%

34.33 51.12 14.55



نتائج الدراسة

1 مدى انتشار ظاهرة الغش في الوسط المدرسي

النقطة الاولى التي تناولتها هذه الدراسة بالتحليل هي مدى انتشار الغش في وسط التلاميذ ومدى ممارستهم له خلال الامتحانات ، فكان ان احتوت الاستمارة على سؤال يعرض على التلميذ مجموعة من الممارسات التي يندرج في إطار المخالفات والتجاوزات التنظيمية في الامتحانات ، وطلب منه ان يختار ويعين كل العلميات التي قام بها خلال السنة الدراسية الماضية. وكانت النتيجة ان نسبة كبيرة من تلاميذ التعليم الثانوي تصرح أنها اعتمدت الغش بمختلف مستوياته و ممارسته خلال امتحانات السنة الدراسية المعينة . ويمكن استعراض هذه النتيجة من خلال الجداول التالية:
جدول رقم :02 مدى انتشار ظاهرة الغش
ممارسة الغش في الامتحانات العدد %

التصريح بالممارسة 479 89.37

التصريح بعد الممارسة 57 10.63

النسبة الحرجة 14.2









































جدول رقم :03 توزيع التلاميذ المصرحين بالغش حسب الجنس والتكرار





الجنس و التكرار العدد % النسبة الحرجة
الجنس ذكور 193 86.16 1.93
اناث 286 91.67
التكرار مكررون 163 90.56 0.61
جدد 316 88.76















جدول رقم :04 توزيع التلاميذ المصرحين بالغش حسب المستوى و الشعبة





المستوى و الشعبة العدد % كا²
الشعب آداب 162 88.04 4.33
علوم 252 91.97
تكنولوجيا 65 83.33
المستوى الأولى ثانوي 208 88.04 4.03
الثانية ثانوي 100 91.93
الثالثة ثانوي 171 83.33





من خلال هذه الجداول نستخلص أن ظاهرة الغش في الامتحانات منتشرة بنسب متقاربة جدا بين التلاميذ. وذلك دون أن يكون لاختلاف التلاميذ من حيث الجنس أوالمستوى آو الشعبة ، اثر واضح .كما ان كون التلميذ مكررا أو جديدا لم يؤثر في نسبة انتشار الظاهرة .
فالجدول الاول( جدول رقم 02 ) يقدم لنا الفرق بين من يصرح بممارسة الغش في الامتحانات ومن يصرح بعدم ممارسته ، حيث نلاحظ وجود فرق كبير بين نسب الفرقين . وهذا الفرق من الناحية الإحصائية ( النسبة الحرجة ) دال . أي هناك فرق واضح وكبير بين من يصرح بممارسة الغش و من يصرح بعد الممارسة .
وفي الجدول الثاني( جدول رقم 03) نستعرض الفروق بين التلاميذ المصرحين بممارسة الغش من حيث الجنس و من حيث التكرار . هذه الفروق الملاحظة لا دلالة لها من الناحية الإحصائية. اى يمكننا باعتماد هذا المؤشر ان نقول بان هذه النسب متساوية و لاتختلف عن بعضها .
ونفس الشيئ يقال عن النتائج المستعرضة في الجدول رقم 04 الذي يدرس الفروق بين التلاميذ المصرحين بممارسة الغش من حسب المستوى الدراسي ، وحسب الشعبة ،ـ و الشعب هنا تم دمجها بحيث تكون وحدات متكاملة حيث تشمل الجذع المشترك و تفرعاته في الثانية و الثالثة بالنسبة لكل شعبة . وذلك بغية الاختصار .ـ أي لا يوجد فرق دال بين نسب التلاميذ المصرحين بممارسة الغش على اختلاف مستويات التعليم الثانوي و على اختلاف الشعب التعليمية .
هذه الجداول تقدم لنا نتائج عن دراسة الغش من حيث الاجمال و على اختلاف ممارساته ، اذ الغش عملية متنوعة لها انماط مختلفة من المستويات وهو ما توضحه الفقرة التالية من الدراسة .

1 مستويات الغش في الامتحانات

لما كان الغش في الامتحانات مستويات مختلفة ، حاولت الدراسة ان تستكشف هذه المستويات و ان تدرس مدى انتشار كل عملية على انفرادها ، ولم تتطرق الدراسة هنا للفروق بين التلاميذ ـ ان من حيث المستوى او الشعبة او الجنس وغيرها من المتغيرات و ان كانت ذات أهمية بالغة تستحق العناية و الدراسة ، وربما تكون محل عرض في فرصة لاحقة ـ طلبا للاختصار و الايجاز .
من خلال نفس السؤال الاول الذي طرح على التلميذ في الاستمارة يمكننا استعراض مختلف انماط الغش و هو ما يمثله في الجدول التالي:
جدول رقم 05 مستويات الغش
العملية التكرار
تقديم مساعدة لزميل 79.12%
طلب المساعدة 60.33%
تلقي مساعدة زميل 43.42%
محاولة فاشلة للغش 21.71%
التحضير المسبق للغش 20.67%
الغش الفردي 16.91%


في هذا الجدول تم ترتيب الممارسات حسب درجة تكرارها ، و النتيجة التي تستدعي الانتباه هي ان النمط المنتشر و الاكثر تكرارا في اجابات التلاميذ من انماط الغش ينتمى الى العمليات التي تكتسي طابع العمل المتبادل بين التلاميذ داخل قاعة الامتحانات .وليس نمط الغش الذي يمارسة التلميذ منفردا .
هذا من حيث الظاهر و التحليل الاولي ، ثم ان الدراسة حاولت ان تغوص نوعا ما في هذه المستويات ، وحاولت ان تجد الارتباطات المختلفة بينها ، نظرا للطابع المعقد الذي يميز ظاهرة الغش ، اذ لا يتصور ان يكون التلميذ يمارس نمطا واحدا من الغش ويقتصر عليه من جهة، ثم ان الجدول الاول افادنا ان العمليات التي تعتمد على الغش المشترك منتشرة بكثرة من جهة ثانية. بدراسة الارتباطات بين مختلف هذه المستويات يمكننا الحصول على الشبكة التالية

الارقام الموجدة في الشبكة تمثل قيم الارتباط بين التصريح بممارسة نمط معين من الغش بالتصريح بالممارسة لنمط آخر من انماط الغش . وهذه الارتباطات كلها دالة من الناحية الاحصائية و كلها موجبة ، حيث -على سبيل المثال – ان الارتباط بين التصريح بممارسة عملية التحضير المسبق للغش باعداد اوراق خاصة او وثائق خاصة يرتبط ايجابا بالتصريح ممارسة الغش الفردي حيث ان( ر=0.64 ). وبمثل هذه الطريقة يمكن قراءة جميع الارتباطات المشكلة لهذه الشبكة .

1 موقف التلميذ من الغش في الامتحانات

بعد أن رأينا مدى انتشار هذه الظاهرة بين التلاميذ في التعليم الثانوي و مدى تشابك العلاقات بين مختلف انماط الغش الممارس في الامتحانات ، يمكننا ان نتسائل عن موقف التلميذ من هذه الظاهرة لعلنا نجد في موقفه ما يبرر هذا الانتشار الكبير فما، هو موقف التلميذ من الغش ؟ هل موقف التلميذ يتميز بالقبول التام لهذه الظاهرة ، ام انه يرفضها تماما ام ان موقفه بين هذين الطرفين ؟ للاجابة على هذه الاسئلة طلب من التلاميذ تحديد موقفهم من الغش في سلم مكون من خمسة درجات من القبول بشدة الى الرفض بشدة مرورا بالتردد . وكانت النتائج موزعة على الشكل التالي :

جدول رقم : 06 موقف التلميذ من الغش
الموقف التكرار %
رفض بشدة 129 24.067
رفض 100 18.657
تردد 195 36.381
قبول 47 8.7687
قبول بشدة 65 12.127


من خلال هذه نتائج هذا الجدول يلاحظ ميل كبير إلى رفض هذه الظاهرة اى ان التلميذ لا يقبل على الغش عن رغبة وقبول له ( حيث ان نسب التلاميذ الذين يتردد موقفهم بين القبول و القبول بشدة لا يتجاوز 20 % بكثير )
كما نسجل مدى انتشار التردد و عدم اتخاذ موقف واضح من الغش وهو شيئ ملفت للانتباه .
هذه النتيجة تجعلنا نقدم تساؤلا جديدا فإذا كان موقف التلميذ من الغش يتراوح بين الرفض والتردد فما مدى تأثير هذا الموقف على التلميذ عندما يكون في قاعة الامتحان؟ هل موقف التلميذ من الغش ايجابا او سلبا مرتبط بممارسة الغش كذلك ايجابا او سلبا .
بدراسة الارتباط بين الموقف من الغش و التصريح بالممارسة ، نجد النتائج التالية و التي يمكن عرضها في الجدول التالي :

جدول رقم: 07 العلاقة بين الموقف من الغش و ممارسته
العملية الارتباط بالموقف الدلالة
التحضير للغش 0.5286 دال
محاولة الغش 0.5064 دال
طلب المساعدة 0.1021 دال
الغش الفردي 0.4081 دال
تقديم مساعدة 0.0201 غير دال
تلقي مساعدة زميل 0.4081 دال
التصريح بعدم ممارسة الغش -0.233 دال

من الجدول السابق نستخلص ثلاثة ملاحظات
- وجود ارتباط موجب بين ممارسة الغش و الموقف منه.اي كلما كان موقف التلميذ يميل الى قبول الغش كلما ارتفع تصريحه بممارسة نمط من انماط الغش . وهذه النتيجة تبدو منطقية ما ان التلميذ يرى ان الغش وسيلة مقبولة في الامتحانات فهو ولابد يمارسها ان توفرت له الفرصة السانحة
- وجود ارتباط سلبي بين ممارسة الغش و الموقف منه . فمع التصريح برفض الغش و عدم قبوله فان التلميذ يصرح بممارسته وذلك بشكل مطرد . أي ان التلميذ وان كان يرى ان الغش ممارسة غير مقبولة في الامتحانات فهو يمارسها ن وهنا اما ان التلميذ لم يبرز موقفه الحقيقي من الغش ، اوانه رغم موقفه الصريح من الغش فهو يمارسه لاسباب تضطره لذلك سواء كانت هذه الاسباب شخصية خاصة به ام خارجية لها علاقة بالامتحانات .
- تبقى عملية تقديم المساعدة غير مرتبطة بالموقف من الغش . اذ وان كان الارتباط بين الموقف من الغش و التصريح بالممارسة للغشمرتبط ايجابا ايضا فان درجة الارتباط ضعيفة وغير دالة من الناحية الاحصائية .
*
1 أسباب الغش
بعد ان رأينا مدى انتشار ظاهرة الغش ، ومختلف المستويات التي تظهر بها ، وعلاقة تلك المستويات فيما بينها ، وموقف التلميذ من هذه الظاهرة ، واستوقفنا الارتباط بين الموقف الرافض للغش كممارسة في الامتحانات و التصريح بممارسته على اختتلاف اشكاله وانواعه ، كان لابد ان نعرج على الاسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة على الاقل من وجهة نظر التلميذ اذ لن تتوسع الدراسة في بحث الأسباب كونها تعتمد على استغلال إجابات التلاميذ ، ولاشك ان الاطراف الاخرى في العملية التربوية من اساتذة و ادارة و اولياء لهم ايضا رأيهم الخاص حول أسباب الظاهرة .
فما هي اذن الاسباب التي يمكن ان تدفع بالتلميذ الى ارتكاب الغش واعتماده وسيلة في الحصول على نتائج في الامتحانات ، رغم رفضه لها – او على الاقل تردده بين القبول والرفض - من خلال اجابات التلاميذ وتصريحاتهم على السؤال الثالث والسؤال الخامس في الاستمارة ؟
وبالطبع سوف نقسم ظاهرة الغش الى قسمين على ضوء النتائج السابقة ، الغش الفردي ، والغش المشترك او التغشيش.
جدول رقم : 08اسباب الغش
الاسباب التكرار % الى مجموع التلاميذ
صعوبة المادة 266 49.63
الخوف من الحصول على نقاط ضعيفة 265 49.44
توفر الفرصة للغش مثل غفلة الحارس 209 38.99
الخوف من الامتحانات 203 37.87
عدم الثقة في الاجابة الشخصية 175 32.65
الكسل 164 30.6
عدم التحضير الجيد للامتحان 157 29.29
ضعف مستوى التلميذ 103 19.22






جدول رقم:09 اسباب مساعدة الزملاء وتغشيشهم
الاسباب التكرار % الى مجموع التلاميذ
توفر الفرصة للغش 252 47.01
ارضاء الزملاء 222 41.42
اظهار المعرفة والتفوق على الزملاء 123 22.95
الخوف من الزملاء 36 6.72


من خلال الجدولين السابقين نجد ان اسباب الغش الفردي و التغشيش متنوعة ومختلفة ففي الجدول الاول (رقم 08 ) حيث رتبت الاسباب حسب نسبة تكرارها ، وهنا النتائج عن مجموع التلاميذ سواء من صرح بممارسة الغش او من صرح بعدم ممارسة الغش.نجد على راس القائمة صعوبة المادة
حسب اجابات التلاميذ حيث انها تعود
v اولا الى طبيعة المادة .
v ثانيا الى ظروف تنطيم و اجراء الامتحانات .
v ثالثا الى اسباب شخصية خاصة بالتلميذ .
اما التغشيش فيعود ( جدول رقم 09)
v اولا الى ظروف تنظيم و إجراء الامتحانات .
v و ثانيا الى الاسباب الشخصية و العلائقية بين التلاميذ.
وهو ايضا ما تكشفه الاجابات الحرة لتلاميذ حيث نلاحظ تكرار وتاكيد هذه الملاحظة من خلال بعض العبارات مثل " ..التمارين صعبة ومعقدة .." و لوجود " ..اسئلة غير مباشرة .." او لاحتوائها على " فخوخ يقع فيها التلميذ بسهولة .." .
ثم نجد توفر الفرصة للغش داخل قاعة الامتحان ، يقول بعض التلاميد "..الحراس لايحرسون جيدا .." و يقول آخر "..انه غير حريص و لايراقب جيدا .." بل يصل بعضهم الى ان يقولعن الحارس ".. انه لايعرف الحراسة .." ويصف تلميذ آخر الحراس فيقول ".. لا يترطون الفرصة للنقل .. ثم يستدرك قائلا ..هذا حسب رأي ام اني لا اجيد فن الغش .."
و كذلك التغشيش و المساعدة داخل قاعة الامتحان يعود الى الرغبة في التعاون وتجاوز الامتحان ، الى جانب الشروط التنظيمية ، وهنا نجد بعض العبارات مثل " .. التعاون .." و " .. تقديم مساعدة .." و "..اساعده اليوم ليساعدني غدا ..".." علاقة الصداقة في المدرسة تدعوا الى مساعدة الصديق رغم انه غش .." كما قد يكون راجعا الى الاتكال على جهود الآخرين ، حيث نجد بعض العبارات تشير الى ذلك مثل "..بعض التلاميذ لا يحضرون للامتحان جيدا و يعتمدون على الغير للحصول على نتائج جيدة ..".." ..لا أحب اتعاب نفسي و لكن لست كسولة .."
وفي الدرجة الاخيرة نجد الاسباب ذات العلاقة بالتلميذ ، وهو امر معروف ان يقوم الشخص بالساق الاسباب باطراف خارجية و عدم اعترافه باسبابه الخاصة خاصة اذا تعلق الامر بقضية تمس الجوانب الاخلاقية و لو من بعيد .
*
2 المواد و الغش
بعد ان راينا مدى انتشار هذه الظاهرة بين التلاميذ و الاسباب التي يعتبرونها تبرر تعاطيهم للغش ، تسائلنا ان كانت كل المواد تتعرض للغش في امتحاناتها ام البعض فقط ،وكان السؤال التالي ما هي المواد التي تتعرض امتحاناتها للغش ، على اختلاف المستويات والتخصصات .؟
وكانت لنا النتائج التالية حيث المواد مرتبة حسب درجة انتشار الغش في امتحاناتها .

جدول رقم :10 المواد والغش
المواد الشعبة
اداب علوم تكنولوجيا
التكرار % التكرار % التكرار %
التاريخ 123 66.85 185 67.52 45 57.69
الرياضيات 67 36.41 131 47.81 37 47.44
ع اسلامية 76 41.3 122 44.57 29 37.18
لغة حية 61 33.15 99 36.13 35 44.87
فيزياء 45 24.46 154 56.2 21 26.92
لغة فرنسية 56 30.43 100 36.5 26 33.33
لغة عربية 49 26.63 80 29.2 35 49.87
علوم 41 22.28 62 33.7 20 26.64
الفلسفة 14 13.33 * 27 28.42 **

*تم حساب النسبة بالنسبة لمجموع تلاميذ السنتين 2 و 3 فقط
**تم حساب النسبة بالنسبة لمجموع تلاميذ 3 فقط.


في الجدول السابق نجد ان مادة التاريخ والجغرافيا ثم مادة الرياضيات على راس المواد من حيث التعرض للغش مع اختلاف الشعب .وان كانت باقي المواد لا تخلوا من التعرض للغش و التغشيش أثناء الامتحانات .
واذا رجعنا الى الاجابات الحرة للتلاميذ حول اسباب تعيين مادة على اساس انها تتعرض للغش ، نجد بعض الاجابات التالية . " مادة التاريخ و الجغرافيا تعتمد على الحفظ ".." لها برنامج مكثف و طويل " .." كون حفظ دروسها ليس سهلا ..".." مادة الرياضيات كثيرة القوانين " .." هذه القوانين متشابهة ".." انها تتطلب الذكاء و الانتباه ولان أي خطاء طفيف يمكن ان يرجع كل الاجوبة الاخرى خاطئة " .." مادة الفيزياء اصعب مادة عرفتها البشرية " .." العلوم الاسلامية فيها ايات قرآنية لايستطيع التلميذ حفظها جيدا ، و الاستاذ لا يتسامح في ذلك .." " معامل المادة مرتفع "." لأنني لا احبها.." .وغيرها من العبارات التي تؤكد النتائج السابقة من جهة وتشير الى جوانب اخرى تتعلق بخصوصيات كل مادة ،وان كانت كل مادة في نظر التلميذ تتعرض للغش فهي مادة صعبة .
تفسير النتائج
ظاهرة الغش شأنها شأن جميع الظواهر النفسية و التربوية تتميز بالتعقد والتداخل ،حيث لا يمكن استكشاف جميع العناصر المتفاعلة فيها ومثالنا في هذه الدراسة مجموعة الارتباطات الملاحظة بين مختلف انماط الغش .
وهذه الدراسة محاولة لالقاء الضوء على بعض الجوانب التي تبدو مهمة في نظر المستشار على الاقل ، والتي ظهرت من خلال نتائج هذه الدراسة.
وحتى نقدم حوصلة حول الدراسة ونفسر نوعا ما النتائج التي توصلت اليها سوف نعتبر عملية التقويم عملية من عمليات التواصل تتم بين استاذ و تلميذ . حيث يقوم الاستاذ بعملية اختبار و امتحان التلميذ بعد فترة زمنية معينة من الدراسة التي تكون تسعى الى تحقيق مجموعة من الاهداف التربوية ،و الاستاذ اذ يقوم التلميذ فانه يهدف الى التعرف على مدى تحقيق التلميذ لتلك الاهداف . ويكون الامتحان بتقدم مجموعة من الاسئلة ، التي تتطلب فهما و رد فعلمن طرف التلميذ .
و التلميذ بدوره يستجيب لعملية الاختبار بتقديم مجموعة من الاجابات المحددة.
بعد ان يقدم التلميذ تلك الاجابات يصله من الاستاذ ردا تقييميا يزود التلميذ بمدى ادراكه لرسالة الامتحان.
و هو ما يمكننا تمثيله في الشكل التالي:


شكل رقم :02 مخطط تفسيري لعملية التواصل في الامتحان
فمتى يعمد التلميذ للغش ؟
في ضوء نتائج الدراسة فالاجابات التي يقدمها التلميذ مبنية اساسا
- على طبيعة الامتحان من حيث سهولة أو صعوبة المادة الممتحن فيها.
- والظروف التنظيمية التي يجرى فيها الامتحان . هذه الظروف التي تجعلنا نؤكد ماقاله (اللقاني و رضوان 1979 ) " ..ان الظاهرة- أي الغش في الامتحانات - ترجع في جانب كبير منها الى الظروف و المواقف التي تحاط بها الامتحانات .." تلك الظروف التي تزيد من خوف التلميذ الذى يكون مرهقا حسيا ونفسيا وعقليا ، نظرا للاندفاع في الاجهاد العقلي و الجسمي الذي يمارسه التلاميذ كلما اقترب الامتحان وحتى اثناء الامتحان ."
و التلميذ ينتظر نتيجة عمله . متمثلا نقطة تتوزع بين 0 و20 حسب سلم التنقيط . الشيئ الذي قد يتأخر كثيرا وهو الغالب في اجراءات التقويم ، حيث يتأخر الرد و لايحدث التعزيز الايجابي او السلبي في الوقت المناسب ، وهذا التأخر في حد ذاته ، ثم الأهمية البالغة و المصيرية التي يحتلها الامتحان في المستقبل الدراسي للتلميذ ، يجعله في حالة خوف مستمر – حتى وان قدم اجابات صحيحة .
هذه الحالة التي لا يمكن التلميذ ان يتجاوزها – في اعتباره هو– إلا من خلال اعتماد وسيلة توفرله الاطمئنان على نتيجة عمله وتضمن له مستقبلا دراسيا معينا وهي الغش في تقديم تلك الاجابات .
ثم نجد انه في حالة ارتكاب غش و مخالفة اجراءات الامتحان فان العقوبة لا تتناسب مع الخطاء المرتكب ،اما لان عملية الغش لا يبلغ عنها ، او ان يكون الحارس مشاركا في العملية ، الشيئ الذي قد يدفع بالتلميذ الى تكرار الغش كلما توفرت الفرصة.
توصيات
على ضوء نتائج الدراسة يمكننا ان نتقدم بالاقتراحات التالية :
*ضرورة التنويع في اساليب التقويم .
*تدعيم الاشراف المباشر و الميداني في الامتحانات التحصيلية .
*تامين الرقابة الحازمة و الفاعلة اثناء اجراء الاختبار.
*ترك فرص كافية للتلاميذ قبيل مواعيد الاختبارات التحصيلية للمراجعة (مثل تزويد التلميذ في بداية السنة الدراسية برزنامة الاختبارت التحصيلية ).
*توعية التلاميذ بخطورة الغش على الحياة العلمية و المهنية المستقبيلية .
*دعوة التلاميذ الى التحضير الجيد و المتواصل للاختبارات. وتعويدهم على الاختبارات.
*اعتماد التقويم التكويني و التقويم الذاتي .
*التعجيل بتقديم نتيجة التلميذ في الامتحان مهما كان نوعه ، واتخاذها وسيلة لتحديد النقائص و علاجها.
*اتخاذ قرارات حازمة ورادعة في حالة الغش .
*التحذير من الغش واعتباره خطاء تربويا يحاسب عليه التلميذ وكل من يساعده.
المراجع
1. احمد حسن كرزون الغش في الاختبار خيانة وانتحار، دار ابن حزم بيروت لبنان 1994
2. خرما و حجاج ، اللغات الاجنبية تعليمها وتعلمها ، المجلس الوطني للثقافة والفنون و الاداب ( سلسلة عالم المعرفة 126 )الكويت 1988
3. عمر شطي الغش المدرسي اسبابه و نتائجه ، غرداية 1998
4. اللقاني ورضوان تدريس العلوم الاجتماعية،دار العلم للملايين 1979
5. منصوري عبد الحق اخطاء تربوية ،ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر 2000
6. Bonnet et coll.(1981) Enseigner aujourd'hui .a.de boeck .bruxelles.

جميع الحقوق محفوظة © 2015 جدّد حياتك
برمجة : يعقوب رضا